إنفورم نابالم أجرت هذا اللقاء الحصري مع الدكتور خطار أبو دياب, أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس, المركز الدولي للجيوبوليتيك. موضوع المقابلة عن الاحداث في الشرق الاوسط و والنظام الامني الدولي والاحداث في سوريا وأوكرانيا.
1-دكتور خطار, منذ بداية الثورة السورية و انتم تقفون إلى جانب الضعيف. ولكن كان لديكم سابقاً موقف بأن هذه (الثورة السورية) ثورة حقيقية ستكون يتيمة و لن تحظى بمساعدة العالم, ما رأيكم في هذا الأمر؟
–بالطبع, نحن لن نتحدث من منطلق البكاء على الأطلال, فهذه الثورة ليست فقط يتيمة و مظلومة بل هي حالة نادرة من التخلي, ففي كل حركات التحرر الوطني و النزاعات المسلحة لم يتم منع وصول السلاح المضاد للطائرات إلا في الحالة السورية. لقد تكلمت مراراً عن ما أسميته بالعهر الدولي, و أكررهنا, هذا العهر الدولي ليس فقط في التدخل الروسي الكبير و الانخراط الإيراني في الحرب, ولكنه أيضاً في السياسة الأمريكية الفاشلة والتي أوصلت سوريا إلى ما وصلت إليه.
2- في بداية عام 2013 انطلقت في أوكرانيا ثورة, كما وانطلقت أصوات تهدد بخطر هذه الثورة. ثم بدأت عملية الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم. وفي سوريا انطلقت ثورة كانت نتيجتها حرب كبيرة. ما هي برأيكم أوجه التشابه بين الثورتين السورية و الأوكرانية و النتائج على الأرض؟
–نعم, إذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء, فقد كنت من متابعي سقوط الاتحاد السوفييتي. فأوكرانيا كانت مشهداً لبشاعة حادثة تشرنوبل, و كنت آنذاك في أحد بلدان شرق أوروبا, حيث شاهدت مدى التخبط الذي كان ينتاب دبلوماسيي دول حلف وارسو, فلكي يتم ضمان استقلال أوكرانيا نتيجة تخليها عن السلاح النووي, تم إعطاء ضمانات لها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية و ألمانيا. وبعد ذلك, ونتيجة “للاستيقاظ” الروسي منذ عام 2008 أثناء حرب جيورجيا, و شروع رئيس الوزراء الروسي, آنذاك, بقضم الجوار الروسي بحجة إمكانية و صول الناتو إليه, حيث أن اللعبة الأمريكية ليست بالبريئة, إذ أنه ليس هناك ثمة وضوح في أهداف هذه السياسات في الكثير من الأحيان. بيد أن روسيا, عبر التاريخ, كانت في أزمات مع الجوار نتيجة عدم احترامها للجوار و القوميات الأخرى و الآراء الأخرى. فهناك تاريخ صعب و قاسٍ, و من هنا, وبمجرد حصول أوكرانيا و جيورجيا و دول البلطيق على الحرية, فقد أثار ذلك خشية موسكو من رياح الحرية أن تصل إلى الداخل الروسي و يتم تكريسها. ونحن نعلم أيضاً تلك النقاشات حول خطوط الغاز الطبيعي و سلسلة الثورات الملونة التي راح ينسبها البعض إلى الغرب كمؤامرة على روسيا و منكراً على الشعوب حقها في غدٍ يخص بها. ومن المهم أيضاً الأخذ بعين الاعتبار ممرات خطوط الغاز , حيث اعتماد روسيا كبير على إنتاج الغاز و ممراته, مما جعل الموضوع الأوكراني ذا خصوصية منفردة. فقد كان أحد مستشاري الأمن الأمريكي السابقين يقول بوضوح أن روسيا مع أوكرانيا يمكن أن تشكلا قوة عظمى, بينما روسيا بدون أوكرانيا تعتبر قوة كبيرة ولكنها ليست عظمى. ولذلك كانت أعين السيد بوتين على أوكرانيا, فما حصل من ثورة في الميدان كان بمثابة ردة فعل على السعي الروسي الجديد للإمساك بأوكرانيا, و ليس الأمر أبداً كما تصوره وسائل الإعلام الروسية بأنها ثورة “يمين وطني متطرف و فاشي و نازي…إلخ”.بالطبع هناك ثمة يمين متطرف و ربما جذور نازية جديدة للبعض القليل, فهذا لايمكن إنكاره, إلا أنها مجرد ردود أفعال, أما الغالبية الساحقة في أوكرانيا فهي ديموقراطية. فمسألة مقارنة الثورتين الأوكرانية و السورية هي مسألة مهمة, حيث أن الثورات الملونة في أوروبا الشرقية قد تجاورت مع انطلاقة ثورات الشرق الأوسط, من 14 آذار اللبناني عام 2005 , و اليوم هو الذكرى الحادية عشرلقيام الحريري بجمع الشعب اللبناني لفرض انسحاب القوات السورية من لبنان و محاولة لتغيير وجه الشرق.
فكل تلك الأحداث مترابط بعضها مع الآخر, إذ أن نداء الحرية ينتشر عبر الحدود, لذلك كانت محاولة بوتين دعم بشار الأسد ونظامه لكبح نداء الحرية على الساحل الآخر من البحر المتوسط, فإذ بهذا النداء يصل إلى القرب من موسكو. ومن هنا كان هذا الحقد الروسي الكبير و احتلال القرم. إلا أن الغرب كان بطيئاً جداً في ردود أفعاله حتى في الموضوع الأوكراني و كذلك السوري. أما الولايات المتحدة فتقوم بترتيب الأمور كما تريد لكون أوروبا لا تلعب دوراً حاسماً.
من هنا نرى وجه الشبه بين الثورتين السورية و الأوكرانية مع وجود عناصر متطرفة هنا و هناك في سوريا ساعدت الأسد في الاستمرار. ففي الحالتين هناك تجاذب عالمي و حرب باردة يقودها السيد بوتين أما أوباما فيعد النقاط و يحاول فرض عقوبات دون أن يذهب بعيداً في مجابهة روسيا مع أن ذلك سيكلف الولايات المتحدة و الدول الأخرى كثيراً فيما بعد, خاصة إذا تعاون نظام الحكم الروسي مع مجموعات أكثر تشدداً, و إذا لعب لعبة الافتراء و لعبة الابتزاز الذي يمتد من دمشق و حتى كييف.
3- جوابكم, دكتور, يقودنا إلى السؤال التالي: النظام العالمي بعد الحرب العالمة الثانية و الحرب الباردة كان مهتماً بحفظ السلام العالمي,و لكن الأحداث في سوريا و أوكرانيا أثبتت فشل ذاك النظام في التعامل مع هكذا أحداث. فماهي التغييرات الممكنة لهذا النظام لكي يقوم بوظيفته بشكل فعال في حالات كهذه؟
-هذا سؤال مهم جداً, ففي مرحلة ما بعد الحرب الباردة, مررنا بمرحلة الأحادية الأمريكية, بين عامي 1990 و 2000 , حيث تصورت واشنطن أنها يمكن أن تصنع العالم كما تريد ووفق أهوائها إلى درجة إمكانية الاستغناء عن الأمم المتحدة, و بعد أحداث 11 سبتمبر بقيت تلك الأحادية و لكنها بدآت تضعف. و بعد حروب أفغانستان و العراق تراجعت كثيراً. واليوم ومع عودة “الصعود” الروسي منذ عام 2008 و صعود الصين و دول البركس و دول أخرى, يمكننا القول بأننا أمام اضطراب استراتيجي في عالم دون قيادة, دون زعامة و ليس فيه حرب باردة تقليدية و لا ثنائية. أصبح الأهم هو المصالح الاقتصادية والنفعية على حساب الشعوب. حتى في مرحلة الحرب الباردة كان هناك مراقبة من طرف لآخر واهتمام معين بمصير القضايا السياسية. والآن و مع صعود التطرف و المافيات و العولمة اللاإنسانية, ومع الانهيار الاقتصادي, الذي بدأ منذ عام
2008, والتدهور البيئي و المناخي, فأمام كل هذا لم يعد الإنسان موجوداً في هذه المعادلة, فغدا بمثابة زر صغير في نظام عالمي بلا هوادة. و إصلاح هذا النظام الدولي لم يعد ممكناً حتى اليوم,فلم يكن ممكناً إعادة تركيب مجلس الآمن و لا نظام الأمم المتحدة الذي أقيم بعد الحرب العالمية الثانية. كانت هناك محاولة صينية لإقامة بنك للتنمية لآسيا كبديل للبنك الدولي, لكن جميع التحويلات المالية تمر عبر الغرب,وكذلك السيطرة على الانترنت و التكنولوجيا الحديثة تمر عبر الولايات المتحدة, مما يدل على أننا أمام قوة عظمى أمريكية ولكنها لا تتحمل مسؤولياتها. وبالرغم من إعطاء أوباما إجازة نوبل للسلام, إلا أنه لم يفعل شيئاً للسلام, بل زادت الأمور في عهده تدهوراً, لكونه ينظر إلى الأمور من خلال مصالحه و ليس من زاوية إعادة ترتيب نظام عالمي فيه حد أدنى من العدالة. ومع ظهور تراكمات إقليمية في آسيا و أوروبا لا نرى نجاحات تذكر للدبلوماسية المتعددة الأطراف. وكل هذا يدعونا إلى القول بأن العالم يترك لمنطق الغاب و سيطرة الأقوى وهو ماينذر بأخطر الحروب في المرحلة المقبلة.
4- لم تقم الثورة السورية, في البداية, لتغيير الحكم بحكم آخر, بل قامت ضد الظلم, ولكن الأسد جابهها بأبشع الجرائم التي يندر وجود ما يشابهها في التاريخ, مما أدى إلى ارتفاع سقف المطالب إلى إسقاط النظام الحاكم و محاسبة بشار الأسد و كل المسؤولين عن تلك الجرائم. الآن يجري الحديث عن تسوية سياسية تجمع ما بين النظام الحالي والقاتل مع قوى أخرى “معارضة”, أي استبدال مبادئ الثورة ضد الظلم إلى مجرد تسوية سياسية و التغاضي عن جرائم القتل بحق الشعب السوري و كأن الأمر أصبح مسألة اعتيادية. فماهي وجهة نظركم بمسألة محاولات التطبييع الإعلامي للقتل, أو بمحاولات استبدال الثورة بحلول سياسية تنقذ المسؤولين عن القتل؟
-المسألة السورية مرت بمراحل متعددة, فالنظام لم يكن يتصور أن الناس ستكسر جدار الخوف, وبأن ما حصل في تونس و مصر و ليبيا و اليمن لن يصل إلى سوريا. ولكن فتيان درعا و شباب سوريا و شاباتها في دمشق و أماكن أخرى انطلقوا لمساندة أطفال درعا, الذين تعرضوا لأقسى وسائل التعذيب من قبل عاطف نجيب و غيره, مطالبين بالحرية. فلم يكن هناك إسلاميون و لا شيوعيون و لايساريون أو أي تطرف أو ليبيراليون موالون لأمريكا أو للروس. كان هناك شعب تم سحقه تحت آلة القمع و الظلم و الطغيان, والتى بدآت ليس فقط مع “الحركة التصحيحية”, بل منذ عهد الانقلابات العسكرية و كل ذلك الطغيان الذي حل على أرض سوريا. فكانت نزعة التحرر هذه, خاصة بعد أحداث 1982 في حماة حيث ظن النظام أن سحق الشعب كفيل بكم الصوت الشعبي. ولكن الصوت ارتفع فما كان من هم للنظام سوى قتل أطفال الثورة و شبانها مثل حمزة الخطيب و غياث مطر و ثائر العواد وغيرهم المئات من الكوادر السنيين الذين قتلوا و سحقوا و زجوا في السجون و بعد ذلك كان النظام يدس السلاح في دوما ودرعا مصراً على تحويل الحراك السلمي النظيف و النقي إلى حراك عسكري. فمنذ الأيام الأولى كان يتحدث عن القاعدة و الإرهاب, لكونه كان يعلم جيداً إلى ماذا يصبو من خلال هكذا إعلام. فهومن صنع القعقاع وهو من ورد الإرهاب إلى العراق و إلى لبنان, فكم عانى الشعب اللبناني من هذا الطغيان!! ولم يسلم أي شارع و مدينة و قرية في سوريا من هذا الطغيان من كل المجموعات و الشرائح و الطوائف و الأديان والكرد كانوا ضحية و أبطال أثناءانتفاضة عام 2004 , فالكل كانوا على الموعد حيث فقد النظام صوابه فلجأ إلى لغة الدم, ظناً منه أن قمع درعا سيكون درساً للآخرين. إلا أن الانتفاضة انتشرت من حمص إلى عامودا إلى الدرباسية و باقي سوريا, فتبين للنظام أن هذا السيل الثوري لن يتوقف ففقد صوابه أكثر. وحتى إيران ,التي كانت تعتبر أننا أمام صحوة عربية إسلامية, لم يعجبها أن يحدث ذلك في قلب محورها الامبراطوري فاندفعت تدعم النظام بكل قوة في سوريا في حرب استنزاف على حساب الشعب السوري و آماله, و بذلك تغير ميزان القوى بشكل كبير مع التدخل الروسي الكثيف لفرض حل روسي يجمع ما بين النظام و بعض العناصر التي تنسب إلى المعارضة. أما القوى السورية الحقيقية من مدنيين و فصائل مسلحة فهي تدرك هذه اللعبة, لكن خلل الموازين الدولية مابين حلف حديث يدعم نظام الأسد و آخر كرتوني مقابل يلعب لعبة اللحاق بالكذاب إلى باب الدار. فمن جنيف1 إلى جنيف2 إلى جنيف3 لم نصل إلى نتائج نتيجة ذلك الخلل في ميزان القوى. فكلمات أوباما حول رحيل الأسد خلال أيام معدودة في أغسطس عام 2011 , و مع الوقت اتضح أن أوباما سيرحل عن البيت الأبيض و الأسد سيبقى إلا إذا حصل شئ مخالف للتوقعات. فنحن أمام مأزق بكل معنى الكلمة و التسوية المرسومة لاتعني شيئاً و إن حصلت فسوف تخرق, لأن هذا النظام لايحترم تعهداته, فهونظام شمولي شخصي وهو نظام ” كل شئ أو لا شئ”. حتى روسيا تخشى من حل واقعي في سوريا, فذلك يمس بصورتها, و إيران تعتبر سوريا المحافظة35. الصراع في سوريا غدا مجسماً صغيراً لصراعات أكبر. فالآن نرى كيف يتم تجميع قوات رعد الشمال, وسمعنا من كيري عن وجود قوات تركية في سوريا. فمع كل الطروحات من تقسيم و فدرالية نحن أمام أمر واقع أن هذه الحرب غدت مفتوحة و طويلة و أي حديث عن تسويات يبقى مجرد حديث في دائرة التمنيات.
5-حول لبنان. الثورة السورية تمس لبنان بالتأكيد, و أية نتائج في سوريا ستؤثر على الوضع اللبناني, فهناك كيان إيراني عسكري في لبنان ممثل بحزب الله, الذي انغمس في الحرب السورية ضارباً بعرض الحائط قرارات الحكومة ” بالنأي بالنفس” عن أحداث سوريا دون الأخذ بالاعتبار استقلال لبنان. هل هناك قوة في لبنان قادرة على حزب الله لوضعه في مكانه اللازم, و ماهي تبعات سياسته في سوريا على لبنان عموماً وعلى حزب الله نفسه خصوصاً؟
-بالطبع, فإن مصير سوريا لن يقرر الوضع اللبناني فقط, فما ستكون عليه خلاصة الوضع السوري فإنها ستحدد الوضع الإقليمي عموماً. فسوف يعاد رسم التاريخ و الجغرافيا انطلاقا من سوريا.فانتصار المحور الإيراني-الروسي في سوريا سيكون كارثة كبرى على المنطقة ونهاية عملية للموقع العربي. وبالنسبة للبنان تحديداً, فإن حزب الله مجرد اسم لبناني, فهو ينفذ الإرادة الإيرانية. فقد أدرك أن سقوط النظام في الشام سيؤثر عليه, فاعتبرها معركة حياة أو موت, ودفع مئات القتلى و الجرحى و المعاقين. وقد جرى تحييد ثلث قواته العسكرية عبر الساحة السورية. وبالرغم من ذلك فهو مستمر في غيه و يتدخل في العراق واليمن و البحرين و الكويت, محاولاً أن يكون الذراع الإقليمية لإيران, فإيران تحارب بأيدي غيرها, بالدم العراقي, واللبناني, والفلسطيني, و السوري لخدمة المشروع الامبراطوري الفارسي. وهو دور ملتبس وله تأثير كبير على لبنان. صلة لبنان بسوريا مهمة, وهناك حوالى مليونين و نصف لاجئ سوري في لبنان, فالترابط عميق و لن يكون هناك اتضاح للوضع في لبنان دون تجلياته في سوريا, ومغامرة حزب الله قد تقود إلى إفلاس الدولة اللبنانية, فالاقتصاد يهتز. حتى الآن هناك حماية دولية لإيجاد حل لمشكلة اللاجئين, ففي حال انفجار الوضع في لبنان والأردن سوف يكون الوضع أصعب, إذ أنه ليس من همومهم وضع الشعب اللبناني أو الأردني, و الأمور في تدهور أكبر, وليست هناك توقعات بأن يستخلص حزب الله أية دروس و مراجعة نفسه و التراجع عن تورطه الكبير في سوريا.
6-حول علاقات حزب الله الخارجية, فقد كان على لائحة الإرهاب في أمريكا, ولكن الولايات المتحدة أزالته من لوائح الإرهاب, فماالذي تغير في سياسته, فهو مايزال مسلحاً على الأرض اللبنانية, وبالرغم من ذلك فقد تغيرت سياسة أمريكا تجاهه. وعلى العكس من ذلك, هو يفقد الأرضية العربية و يؤثر بذلك على الوضع اللبناني. فبعد اعتباره من قبل دول الخليج منظمة إرهابية وقيام السعودية بإيقاف دعمها للبنان, فإلى أين نحن متجهون على أرضية هذه المتغيرات؟
-نعم, فالصراع لإقليمي يستفحل, و إيران بعد إزالة العقوبات و إغلاق الملف النووي, باتت تتصور نفسها واجهة للإقليم كمكافأة لها على ذلك الاتفاق. وقد وصل الغرور بها إلى القول بسيطرتها على العواصم دمشق و بيروت و بغداد و اليمن. ولكن منذ بدء العمليات في اليمن هناك تراجع للدور الإيراني و خاصة بعد مناورات السعودية في حفر الباطن, مما يدل على إمكان إيجاد توازنات إقليمة جديدة. لذلك يحاول حزب الله توريط لبنان في هذه اللعبة المعقدة, فلو تم انتخاب رئيس للبنان لبقي محمياً من هذه الحمى الإقليمية الكبيرة. والآن لايمكن للبنان التحلل من انتمائه العربي, و الوصاية الإيرانية غير مقبولة, لذلك يؤخذ لبنان كرهينة زيادة عن الشعب السوري الذي أصبح من الضحايا الأولى لقتل الإنسانية في عالم اليوم.
7-حول موضوع الحرب الإعلامية و تزوير الحقائق. فالشعب الأوكراني أصبح ذا خبرة في هذا الموضوع, حيث يقوم الإعلام الروسي بتزوير تام للحقائق في أحداث شرق أوكرانيا, وكذلك الأمر في سوريا حيث تخدم الآلة الإعلامية الروسية نظام الأسد بشكل يعيد كتابة الحدث,
فهل هناك من حد لكذب هذه الآلة الإعلامية للأنظمة الديكتاتورية؟ وما هو دور الشعوب في محاربة هذه الآلة؟
-كلنا يذكر عبارة غيبلس: “إكذب, إكذب ثم إكذب فلعل الإشاعة تمر و الكلمة رصاصة تقتل”. فمنذ البداية تم تصوير الأمر على أنه معركة ضد الإرهاب, وكل من حمل السلاح هو إرهابي, وكل ثائر هو إرهابي وهناك حملة ضد الإنسان بشكل عام. فاليوم, مثلاً, هناك في جريدة فرنسية أحد حملة جائزة نوبل للاقتصاد يطرح سؤالاً كبيراً: هل أصبحت أوروبا معادية للإسلام؟ فهناك ادعاءات بأن الإسلام السني ” سيزحف علينا”, “سيحتل بيوتنا”…فهناك نوع من الخلط العجيب مابين الإسلام و داعش, مع أن داعش هي انحراف نهائي عن الإسلام و لاعلاقة له بالإسلام, و أن الذين تكلموا عن الجهاد يعرفون جيداً, أن ذلك بدأ من أفغانستان إبان الغزو السوفييتي, وما حصل في الشيشان و مناطق أخرى قد أعطى للتطرف آفاقاً أخرى. فهناك لعب على الحقائق وتزوير للتاريخ و محاولة إظهار كل من يطالب بالسلام و الحرية والعدالة بأنه إرهابي. وهناك تحريف يومي للحقائق نتيجة وجود صراعات, وهناك آليات إعلامية تستخدم على الأرض في سوريا كالتخيير بين النظام أو داعش و النصرة لإظهار بشار بمظهر الأفضل,وهناك آلية استعداء الأقليات للأكثرية مما أوصل الأمور إلى حرب مفتوحة, بالرغم من عدم اهتمامهم بمسيحيي العراق , فدموع التماسيح لحماية الأقليات لم تنطل على أحد. فالمعركة صعبة و متواصلة, والمشكلة هي في عدم وجود أحزاب حقيقية في العالم العربي. فالمثقفون العرب لا يتحملون مسؤولياتهم. هناك خلل في الخطاب الإعلامي و السياسي, وكل هذا يتم دفع ثمنه ببعض نجاحات النظامين السوري و الروسي بالخداع و التزييف
No Responses to “الدكتور خطار ابو دياب: العالم متروك لقوانين الغاب والقوة مما سيؤدي الى حروب مخيفة”